فصل: قال ابن جني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة العاديات:
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}
قال: {فَوَصَطْنَ بِهِ} وقال بعضهم {فَوَسَطْنَ}. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة العاديات:
1- {الْعادِياتِ}: الخيل. والضبح: صوت حلوقها إذا عدت.
وكان على- رضي اللّه عنه- يقول: هي الإبل تذهب إلى وقعة بدر. وقال: ما كان معنا يومئذ إلّا فرس عليه المقداد.
وقال آخرون: الضّبع والضّبح واحد في السير، يقال: ضبعت الناقة وضبحت.
2- {فَالْمُورِياتِ قَدْحًا} أي أورت النار بحوافرها.
4- و(النقع): الغبار. ويقال: التراب.
5- {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} أي توسّطن به جمعا من الناس أغارت عليهم.
6- {لَكَنُودٌ}: لكفور. والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئا.
7- {وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ} يقول: وإن اللّه على ذلك لشهيد.
8- {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي وإنه لحبّ المال لبخيل.
9- {بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ} أي قلب وأثير.
10- {وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ} ميّز ما فيها من الخير والشر. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة العاديات:
1 {ضَبْحًا}: تضبح ضبحا وهو حمحمتها عند العدو.
2 {فَالْمُورِياتِ}: الخيل تورى النّار بسنابكها.
وقيل: إنّها نيران الحروب والقرى.
4 {نَقْعًا}: غبارا.
ويقال وسط الدار: إذا نزل وسطها، وكان عليه السلام بعث سريّة إلى بني كنانة فأبطأت عليه، فأخبر بها في هذه السّورة.
6 {لَكَنُودٌ}: يكفر اليسير ولا يشكر الكثير، أو ينسى كثير النّعمة لقليل المحنة.
وفي الحديث: «الكنود: الكفور الذي يأكل وحده، ويضرب عبده ويمنع رفده». اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة العاديات:
14 – 100.
نزلت بمكة بعد العصر.
وهي إحدى عشره آية.
وأربعون كلمة.
ومائة وثلاثون حرفا.
لا يوجد سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت وختمت به.
لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال تعالى: {وَالْعادِياتِ} الخيل الغازية في سبيل اللّه تعدو عدوا سريعا وتضبح عند جريها {ضَبْحًا 1} هو صوت أجوافها قال ابن عباس ليس شيء يضبح سوى الفرس والكلب وأصل العاديات بالواو أي العادوات لأن فعلها واوي فقلب ياء لانكسار ما قبلها و{ضبحا} مفعول مطلق وهو أنفاس الخيل عند العدو.
وقال علي كرم اللّه وجهه الضّبح من الخيل الحمحمة وفي الإبل التنفس.
قال عنترة:
والخيل تكدح حين تضبح ** في حياض الموت ضبحا

{فَالْمُورِياتِ} الخيل التي توري النار بسبب اصطدام حوافرها في الأرض الصلبة تقدح {قَدْحًا 2} يقال قدح فأورى إذا أخرج النار، وقدح فأصلد إذا لم يخرجها {فَالْمُغِيراتِ} الخيل التي تغير بفرسانها بسرعة إلى مجابهة العدو {صُبْحًا 3} لأن الناس في غفلة عن الاستعداد وكانوا يمدحون هذه الحالة وقيل فيها:
قومي الذين صبحوا الصباحا ** يوم النخيل غادة ملحاحا

وقال تعالى: {فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ} الآية 177 من سورة الصافّات {فَأَثَرْنَ} هيجن تلك الخيل المغيرة {بِهِ} بحوافرها الموريات في الصباح الذي أغارت فيه {نَقْعًا 4} غبارا علا المكان الذي مرزن فيه قال ابن رواحة:
عدمت خيلنا ان لم تروها ** تثير النقع من كتفي كداء

وقد حقق اللّه قوله يوم الفتح حيث دخلوها من كداء {فَوَسَطْنَ بِهِ} بذلك النقع الناشئ عن الاغارة {جَمْعًا 5} أي صرن بعدوهن وسط الجمع من الأعداء. وقد أقسم اللّه بخيل الغزاة أتى هذا وصفها تنبيها لما فيها من المنافع الدينية والدنيوية.
الأجر والغنيمة وأظهار الكلمة وإذلال الأعداء وتعظيما لشأن الغزاة وحثا لهم على الاقدام وعلى أقتناء الخيل ولهذا وردت أحاديث كثيرة في فضل رباطها منها قوله صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية 6 من الأنفال وسيأتي ما ورد فيها عند تفسيرها إن شاء اللّه وجواب القسم قوله: {إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ 6} كفور لنعمة ربه والكند الجحد قال:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن ** كنود لنعماء الرجال بعيد

.مطلب في وصف خيل الغزاة:

وقال الفضيل بن عياض: الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان، وضده الشكور...
{وَإِنَّهُ} أي ذلك الإنسان الشامل لافراده لا يختص به واحد دون آخر {عَلى ذلِكَ} الحال {لَشَهِيدٌ 7} لأنه لم يظهر أثر أنعام اللّه عليه فقد كفرها فيكون لسان حاله شاهدا عليه دون لسان قاله وأعاد بعض المفسرين الضمير إلى اللّه أي أن اللّه تعالى شاهد على جحوده، والأول أولى يؤيده قوله جل قوله: {وَإِنَّهُ} أي جنس الإنسان قولا واحدًا {لِحُبِّ الْخَيْرِ} المال، وأتى بهذا المعنى هنا، وفي قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} الآية 181 من البقرة أي مالا كثيرا ولا يجوز عود الضمير هنا إلى اللّه إذ لا يجوز أن يوصف بقوله: {لَشَدِيدٌ 8} بخيل ممسك لاستحالته عليه تعالى ولأن الضمير راجع إلى الجاحد في الجملة الأولى وهنا أيضا وأن اتساق الضمائر وعدم تفككها اولى عند الإمكان كما هنا، وجاء بكلام العرب شديد بمعنى بخيل ومن قول طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى ** عقيلة مال الفاحش المتشدد

وإذا لم يكن الرجل هشا منبسطا عند الإنفاق يسمى شديدا عبوسا ولهذا هدده اللّه وأوعده بقوله: {أَفَلا يعلم} هذا البخيل مغبة بخله {إِذا بُعْثِرَ} بعث {ما فِي الْقُبُورِ 9} من الموتى واخرجوا من برزخهم وأبرزوا للحساب والجزاء وزيدت الراء في بعثر لأن قيامهم من القبور يكون بعد بعثرة اجزائهم وتفتتها كالتراب، وعبر عن المبعوثين بلفظ ما دون من ليعم الإنسان وغيره من سائر الحيوان {وَحُصِّلَ} أظهر وجمع {ما فِي الصُّدُورِ 10} من الخير والشر الكامن فيها وميز بينهما {إِنَّ رَبَّهُمْ} أي أولئك المبعوثون من أجداثهم {بِهِمْ يَوْمَئِذٍ} يوم إخراجهم من قبورهم يوم القيامة وأفرازهم عن بعضهم يوم يقول اللّه جل قوله: {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} الآية 59 من سورة يس الآتية {لَخَبِيرٌ 11} بما عملوه في دنياهم لا يخفي عليه شيء منه فيجازيهم بحسبه وخص أعمال القلوب بالذكر دون الجوارح لأن أعمالها تابعة لها فلولا البواعث والواردات في القلب لما حصلت أعمال الجوارح، هذا وأن ما أخرجه البزار وغيره عن ابن عباس من أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث خيلا ولبث شهرا لا يأتيه خبر عنها فنزلت هذه السورة لا قيمة له إلا أن يقال تلاها حينذاك لأن هذه السورة مكية، وبعث السرايا لم يكن إلا في المدينة بعد الهجرة فلا مجال للقول بصحته من جهة النزول أما التلاوة فنعم.
هذا، واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة والعاديات:
مكية أو مدنية.
وجواب القسم {إن الإنسان لربه لكنود} وهو حسن إن لم يجعل ما بعده من تتمته بل مستأنفا وعلى هذا {لشهيد} حسن وكذا {لشديد}.
وان جعل من تتمته فالأولين كافيان والثالث حسن.
{ما في الصدور} تام.
وكذا آخر السورة. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة والعاديات:
مكية أو مدنية.
ولا وقف من أولها إلى {لكنود} لاتصال الجواب بالقسم فلا يوقف على {ضبحا} ولا على {قدحًا} ولا على {صبحًا} ولا على {نقعًا} ولا على جمعًا لأنَّ القسم قد وقع على جميع ذلك فلا يقطع بعضه من بعض.
{لكنود} حسن على استئناف ما بعده والمراد بـ: {الإنسان} الكافر والمنافق والكنود الكفور يقال كند أباه إذا كفره قال الشاعر:
أحدث لها تحدث وصالك إنها ** كند لوصل الزائر المعتاد

وأنشد أيضًا:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن ** كنود النعماء الرجال يبعد

{لشهيد} حسن سواء عاد الضمير على الله أو على الإنسان.
{لشديد} حسن قال الفراء أصل نظم الآية أن يقال وإنه لشديد الحب فلما قدم الحب قال: {لشديد} وحذف من آخره ذكر الحب لأنَّه قد جرى ذكره ولرؤوس الآي كقوله: {في يوم عاصف} والعصوف للريح لا لليوم كأنه قال في يوم عاصف الريح.
{ما في الصدور} تام وقال الكواشي ولم أر أحدا من الإثبات ذكر هنا وقفًا ورأى الوقف هنا حسنًا وهو كما قال للابتداء بإن ومفعول {يعلم} محذوف وهو العامل في الظرف أي أفلا يعلم ما له إذا بعثر أو أنَّه ما دل عليه خبر أن أي إذا بعثر جوزوا.
آخر السورة تام.
حكى أن الحجاج بن يوسف الثقفي قرأ على المنبر بحضرة الناس فجرى على لسانه أنَّ ربهم بفتح الهمزة فقال خبير وأسقط اللام ثم استدرك عليه من جهة العربية أنَّ إن في تأويل أن المفتوحة وإنَّما كسرت لدخول اللام في خبرها فزعم أنَّ من العرب من يفتح أن مع وجود اللام في خبرها بجعل اللام ملغاة وأنشد:
وأعلم علمًا ليس بالظن أنَّه ** إذا ذل مولى المرء فهو ذليل

وأنَّ لسان المرء ما لم تكن به ** حصاة على عوراته لدليل

ففتح أن وفي خبرها اللام لإيقاع العلم عليها ويجوز أن يكون قد ابتدأ في البيت الثاني وأضمر لام تعليل قبل أن فقال خبير وأسقط اللام عمدًا وهذا إن صح كفر ولا يقال أنها قراءة ثابتة كما نقل عن أبي السمال العدوي فإن كان ناقلًا لها فلا يكفر لأنَّ الأمة أجمعت على أنَّ من زاد حرفًا في القرآن أو نقصه عمدًا فهو كافر اهـ الثعالبي. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة العاديات:
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأ: {فَأَثَرْنَ بِه}، مشددة الثاء أبو حيوة.
قال أبو الفتح: هذا كقولك: أرين، وأبدين نقعا، كما يؤثر الإنسان النفس وغيره، مما يبديه للناظر. وليس {أثرن} من لفظ أثرن خفيفة، بل يكون من لفظ أث ر، وأثرن خفيفة من لفظ ث ور.
وقرأ: {فَوَسَطْن بِهِ}، مشددة- علي بن أبي طالب وابن أبي ليلى وقتادة.
قال أبو الفتح: أي: أثرن باليد نقعا، ووسطن بالعدو جمعا. وأضمر المصدر لدلالة اسم الفاعل عليه، كما أضمر لدلالة الفعل عليه في قوله: من كذب كان شرا له، أي: كان الكذب شرا له، وقول الآخر:
إذا نهى السفيه جرى إليه ** وخالف والسفيه إلى خلاف

أي: جرى إلى السفه، وأضمره لدلالة السفيه عليه.
فأما {وَسَّطْنَ}، بالتشديد فعلى معنى ميزن به جمعا، أي: جعلنه شطرين: قسمين: شقين. ومعنى وسطنه: صرن في وسطه، وإن كان المعنيان متلاقيين، فإن الطريقين مختلفان:
ومعنى {وسطن}، خفيفة كمعنى توسط، ألا ترى إلى قوله:
فتوسطا عرض السرى وصدعا ** مسجورة متجاورا قلامها

ووسطنه- مشددة- أقوى معنى وسطنه مخففا، لما مع التشديد من معنى التكثير والتكرير. اهـ.